Eman khaled ..::عضو برونزي::..
♥~.دوُلًــتُــيَ ♥~: : ♥|ع ـــٌمـاـًـيً : ♥|الجنسًـِـِ * : مـٌـُزاج ــٌـًُـيً♥: : ♥|[مًسُآهًمُآًتًيُُ : 4703 اآلًسـممْعَهْـ♣ : 4 سجَلت بتـآريخ * : 29/03/2017 العمر : 27 احترام المنتدي :
| موضوع: رحلتنا مع أعز الناس الثلاثاء مايو 23, 2017 7:28 pm | |
| بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله اللهم افتح علينا حكمتك.. و انشر علينا رحمتك يا ذا الجلال و الإكرام.. و مازلنا في رحلتنا مع أعز الناس.. و قلنا هانبدأ من البداية.. من الملأ الأعلى.. و الحوار الذي دار بين الله سبحانه و تعالى و الملائكة.. عن الخليفة و العابد المنتظر.. عن آدم.. خلق الله آدم.. و آتاه العلم.. و أسجد له الملائكة.. و طرد إبليس من جواره لاستكباره و رفضه السجود لآدم.. و سكن آدم الجنة.. و خلق الله حواء لتكون له سكنا و أُنسا.. و بعد كل هذا التكريم.. لم يُطلب منه سوى شئ واحد.. أن لا يأكل من شجرة معينة.. له كل ما في الجنة.. إلا هذه الشجرة.. ولكن.. نسي آدم.. و أغواه الشيطان.. فأكل من الشجرة.. تعالوا هنا نقف وقفة لأن اللقطة دي مهمة جدا في تاريخ البشرية.. أول معصية بشرية في التاريخ.. و أول و أهم درس كان لازم سيدنا آدم يتعلمه بشكل عملي.. لأن الإنسان ربنا خلقه مايقدرش يفهم شعور ماعاشهوش قبل كده.. تخيل معايا.. و عاوزك تعيش نفس التجربة.. و نفس اللحظة.. تخيل نفسك هناك.. وقتها.. لحظة ماوقفنا اللقطة.. و شايف سيدنا آدم قدامك.. و التفاحة في ايده.. تخيل انك بتخطي و بتقف مطرح ماهو واقف بالظبط.. القدم على القدم.. و تخيل ان روحك اختلطت بروحه.. و بلحمه.. و دمه.. ان عقله.. بقى هو عقلك.. ان قلبه.. بقى هو قلبك.. و التفاحة في ايدك.. و بتقطم منها قطمة.. حاسس بطعمها في بقك.. حلو.. بس مش زي ما كان إبليس مصورلك.. حاسس بيها و هي بتنزل في جوفك.. و شايف ابتسامة صفرا بتترسم على وش إبليس.. و نظرة هلع على وش حواء.. أصلكم فجأة.. بقيتوا عرايا.. زينة الجنة.. و ستر الجنة .. سقطوا من على أجسادكم.. و ساعتها حسيت بخطورة اللي انت عملته... شريط بيمر قدام عينيك بمنتهى السرعة.. لحظة ما دبت فيك الروح.. و تكريم الله ليك.. شايف الملائكة كلهم بيسجدوا لله قدامك.. افتكرت تسخير الله للكون كله ليك.. افتكرت أول مرة رجلك خطت فيها الجنة.. و قد ايه انبهرت بجمالها.. و قد ايه استشعرت كرم ربنا بانه سكنك فيها.. افتكرت ساعة ما شفت حواء لأول مرة.. و عرفت ان ربنا خلقها سكن ليك.. ووقف الشريط فجأة.. لما افتكرت انك عصيت الأمر الوحيد اللي ربنا أمرك بيه.. بعد ما غرقك في إنعامه و تكريمه.. ساعتها.. حسيت قد ايه انت صغير وسط ملكوت الله.. سامع دقات قلبك؟.. حاسس؟.. شعور غريب.. ماحسيتش بيه قبل كده.. شعور صعب.. اسمه “الخوف من الله”.. عمرك خفت من ربنا قبل كده؟ يا عمي ما كلنا بنخاف من ربنا و الحمد لله.. طب فكر معايا .. امتى أكتر مرة خفت فيها في حياتك عموما؟.. افتكرت؟.. طب يا ترى.. الخوف ده كان من ايه؟.. عمرك خفت من الله بنفس القدر ده؟.. الخوف اللي يمنعك من معصيته؟ ماتتسرعش في الإجابة.. و فكر شوية.. للأسف.. الإنسان مايقدرش يفهم شعور ماعاشهوش قبل كده.. مايقدرش يتخيل طعم حاجة ما ذاقهاش قبل كده.. مهما اتوصفتله.. عشان كده صعب جدا اني اتكلم عن “إحساس”.. زي “الخوف من الله”.. و صعب أضرب أمثلة من حياة السلف لأني ابقى عامل زي اللي جاب جهاز بيشتغل على 110 فولت و حطه في كهربا 220 فولت.. و يمكن ده السبب ان الشباب بينفروا من الحديث عن الموضوع ده.. و بيعتبروه تهويل.. أو تعقيد.. لأنهم مش قادرين يفهموه.. لأنهم للأسف.. لسة ماجربوش يخافوا قبل كده.. الغريزة دي لسة ما اشتغلتش عندهم.. أي شركة محترمة بتصنع أجهزة كهربائية.. لما بتصنع جهاز.. عشان تحميه من مشاكل التيار الكهربي.. بيعملوا فيه قطعة اسمها “فيوز”.. بحيث لو الكهرباء فيها مشكلة.. الفيوز ده هو اللي يتحرق.. مش الجهاز كله.. و لما يتغير الفيوز بواحد جديد.. يشتغل الجهاز تاني بدون مشاكل.. هذا في عالم البشر.. فما بالك بالله سبحانه و تعالى.. من أحسن كل شئ صنعه.. خلى للإنسان فيوز... حماية.. غريزة تحميه من انه يقع في الغلط.. غريزة.. تقيه غضب الله سبحانه و تعالى.. بس للأسف في عالمنا دلوقت.. الغريزة دي مابتشتغلش عند الإنسان الا متأخر قوي.. الشاب بيطلع.. بيلاقي أهله عاملين زي مصدات الأمواج.. حايشين عنه كل المشاكل و المسئوليات و المخاطر.. و هو عايش الحياة بدون اي هموم ولا مسئوليات.. فبيفتكر ان دي سنة الحياة.. فتكبر عنده ذاته.. يشوف نفسه.. “إن الإنسان ليطغى.. أن رآه استغنى”.. هو مش حاسس انه محتاج لحد.. ولا حتى لله.. لأن أهله شايلين عنه كل الهموم.. حتى هم نفسه.. و الله سبحانه و تعالى يمهل.. و يمهل.. و يمد.. و يصبر.. سبحانه.. يمهل و كأنه يهمل.. و لكنه إذا أخذ.. أخذ أخذ عزيز مقتدر.. يفضل الإنسان عايش في الحياة غافل.. سهيان.. عايش بالطول و العرض.. و يمكن ربنا بيمهله عشان خاطر أهله.. لكن أول مايبدأ يخوض معترك الحياة.. و يعتمد على نفسه تماما.. بيبدا يشوف الدنيا على حقيقتها.. بيبدأ يحس قد ايه هو صغير.. قد ايه هو ضعيف.. كان متخيل انه مسيطر على كل شئ. بيده مقاليد الأمور.. اكتشف انه ولا حاجة.. عاوز يتجوز.. مش لاقي بنت الحلال.. الفلوس موجودة.. بس مش لاقي انسانة كويسة.. و بعد دوخة وتعب.. ربنا يكرمه.. فيلاقي.. و يتجوز.. و مايحصلش حمل.. يبقى هو سليم.. و هي سليمة.. و يلفوا على دكاترة الدنيا.. و يقولولهم نفس الكلمة.. انتو الاتنين سلام.. و مافيش حمل.. لأنه مش بايده.. الموضوع مش بسيط و تلقائي زي ما كنت بتشوف في كتب الأحياء.. فيه رب مسيطر.. بيده مقاليد الأمور.. ولو ربنا شاء و حصل حمل.. يكتشف.. ان مش كل حمل.. لازم ينتهي بولادة طفل.. ولو ربنا شاء.. و رزقه بالذرية.. يحس بضعفه تاني.. لأن فيه حتة منه بقى لها كيان مستقل.. ابن أو ابنة.. بيحبهم.. و خايف عليهم.. و في نفس الوقت مالوش أي سيطرة عليهم.. ولا يقدر يراقبهم 24 ساعة في اليوم عشان يتأكد انهم بخير.. و بتمشي الحياة بالمنوال ده.. وهن على وهن.. و خوف على خوف.. مع كل الناس.. إلا المصلين.. “إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلاَّ الْمُصَلِّينَ “ انت في الحياة دايما مابين اختيارين.. إما أن تخاف الله.. و إما أن تخاف من كل ما سواه.. من خاف الله.. خاف منه كل شئ.. و من لم يخف الله.. خاف و ارتعب من كل شئ.. توحيد الخوف.. انت هاتخاف هاتخاف.. السؤال هو .. تخاف من مين؟ من الله.. اللي بيده مقاليد الأمور؟.. والا من الفقر و المرض و الموت و الحكومة و السياسة و مديرك في الشغل و مراتك و حماتك .. الخ .. تبقى مرعوب من كل شئ في الدنيا؟.. والا تخاف ممن إذا خفت منه.. فررت إليه..؟ الخوف اللذيذ.. تخيل معايا لو الطفل اللي عمره سنتين كان عنده القدرة على انه يتكلم و يعبر عن مشاعره و افكاره.. لو سألناه.. ايه أجمل لحظة في حياتك.. كان جاوب.. لحظة مابيخاف.. فبيلجا لحضن أمه.. تقول لي طب ازاي اخاف منه؟؟؟ اقولك.. اعرفه.. و اعرف نفسك.. اعرف نعمه عليك.. تأمل في عطاءه ليك.. و اسأل نفسك.. ياترى ليه انا من دون الناس أنعم عليا النعمة دي؟.. استحقها؟. و اعرف تقصيرك تجاهه.. اوزن النعم.. تجاه تقصيرك.. فاكر يوم كذا.. لما عصيته.. و كان شايفك و مطلع عليك..و سترك.. مافضحكش بين الناس.. لعلك ترجع و تتوب.. ياترى هايفضل سابل ستره عليك لغاية امتى؟.. لو مش قادر تحس بقيمة النعم اللي عندك.. بص للي اتحرم منها.. و تخيل نفسك مكانه.. لو مش حاسس بقيمة الصحة.. جرب تزور أي عنبر في اقرب مستشفى.. بص لأي مريض .. و اسأل نفسك.. ليه انت مش مكانه دلوقت؟.. و ياترى هاتفضل بصحتك و مش راقد في المكان ده لغاية امتى؟.. و ياترى مين اللي بايده يخليك واقف على رجليك و بصحتك.. أو راقد على سرير في مستشفى.. لو مش حاسس بقيمة نعمة الستر أو الغنى.. بص للي أفقر منك.. و تخيل نفسه مكانك.. بص للي مش لاقي بيت يستره هو و أولاده.. و اسأل نفسك.. ليه انت مش مكانه؟ بص للأرملة اللي بتجري على أيتام.. و اسأل نفسك.. ليه زوجتك و أولادك مش مكانهم؟.. و ياترى.. لحد امتى هاتفضلوا مش مكانهم؟.. بص للي ربنا أنعم عليه بالمال و الستر.. و في لحظة زي ما أنعم و أعطى.. أخذ.. و اسأل نفسك.. هو المال اللي بين ايديك ده مالك؟.. ملكك فعلا؟ لو مش حاسس بقيمة نعمة الفهم.. بص لأي مجنون ماشي في الشارع.. و تخيل لو كنت انت هو.. و اسأل نفسك.. ليه انت مش هو؟.. لو مش حاسس بقيمة نعمة الأولاد.. بص للي اتحرم منها.. أو للي ربنا ابتلاه بإبن معوق أو مريض.. تخيل لو ابتليت بابن بتربيه.. و انت عارف انه هايموت في أي لحظة.. بتجهزه للموت.. و شايفه قدامك لحظة بلحظة.. لو مش حاسس بنعمة الهداية.. بص للي ربنا اداه عقل.. فعبد عقله بدل مايعبد الله.. فضَلّ.. و تاه.. و مابقاش قادر يشوف أبسط الحقايق و هي قدام عينيه.. لو مش حاسس بقيمة نعمة الشباب.. بص لحد كبير في السن.. و تخيله لما كان قدك كان عامل ازاي.. و دلوقت بقى ازاي.. و ازاي السنين بتجري بسرعة.. و ياترى انت لو لك عمر و بقيت قده.. هايبقى ايه حالك؟ هاه.. تحب تجيله بإرادتك.. والا تستناه لما يكسرك و يجيبك غصب عنك؟ اصلك هاتيجي هاتيجي.. يا تجيله على ملا وشك.. يا هايجيبك على ملا وشك.. اختار.. الاختيار بايدك.. و نرجع تاني لسيدنا آدم.. وقفنا عند لحظة المعصية الأولى.. عند ابتسامة النصر اللي اترسمت على وش ابليس.. و نظرة الهلع على وش أمنا حواء.. و هي شايفة زينة الجنة بتتساقط من على أجسادهم.. ساعتها شعر آدم بمرارة المعصية.. فقال لحواء باكيا :”استعدي للخروج من جوار الله.. هذا أول شؤم المعصية”.. كما جاء في الأثر.. و جعل آدم يجري في الجنة باحثا عن مأوى.. فاشتبكت به أغصان الشجر.. فظن أن عوجل بالعقوبة من الله.. فخر الى الأرض منكساً رأسه قائلا.. عفوك يا رب.. عفوك يا رب.. فناداه الله سبحانه و تعالى.. : “أفرارا مني يا آدم؟”.. فقال آدم: “بل حياءاً منك يا رب”.. فأوحى الله إلى الملائكة أن أخرجوا آدم و حواء من جواري فإنهما قد عصياني.. و أُخرج آدم و حواء من جوار الرحمن.. تخيل معايا اللحظة دي .. و عيشها.. ياترى سيدنا آدم ندمه و حزنه كان قد ايه؟.. ياترى بكى؟.. يا ترى خاف.. لما لقى نفسه في عالم جديد لوحده؟.. بعدما كان في جوار الرحمن؟.. تخيل احساسه كده.. و كم الألم و الندم و الحزن والخوف جواه.. مع الإحساس بالعجز التام.. مش عارف يعمل ايه.. اصل ماكانش لسة فيه حاجة اسمها توبة أو مغفرة.. سيدنا آدم ماغلطش قبل كده.. و ماكانش عارف يتصرف ازاي.. ياترى هل الغلط ممكن يتصلح؟.. عمرك في يوم حسيت بالانكسار بين يدي الله.. و لقيت لسانك مش قادر ينطق؟.. لأنك مش عارف ايه اللي ممكن يتقال في موقف زي ده؟.. ظل آدم باكيا.. نادما.. حتى أتاه الفرج من الله سبحانه و تعالى.. (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم) يناديه.. يا آدم.. اني رحمت ضعفك وأقلت عثرتك وقبلت توبتك وسمعت ضراعتك وغفرت ذنبك فقل( لا اله الا أنت سبحانك اللهم وبحمدك ظلمت نفسي وعمِلت السوء فتب علي انك أنت التواب الرحيم) أنا ليه بدأت من هنا؟.. من قصة كلنا عارفينها .. يمكن هو ده السبب.. ان كلنا عارفينها.. لكن مش فاهمينها كما يجب.. معنى مهم جدا كان لازم اطرحه من البداية.. أو هو مش معنى بالظبط.. لكن نقدر نقول.. "حالة”.. حالة قلب.. بقت نادرة قوي في زماننا ده.. الحالة اللي من غيرها.. كل كلامنا و موضوع السيرة كله يتحول الى مجرد فذلكة و ثقافة عامة مالهاش اي معنى أو فائدة أو قيمة حقيقية في حياتنا.. حالة القلب.. اللي كان لازم سيدنا آدم.. أول البشر.. يتعلمها .. و بشكل عملي يرج كيانه كله.. عشان مايتنسيش.. و عشان ذريته كلها ماتنساش.. يمكن اتكلمت في البداية عن الخوف من الله.. و لكن الموضوع أكبرو أعقد من كده.. زي ماقلت هي “حالة”.. كم رهيب من المشاعر .. مش مجرد خوف بس.. بل خوف.. مع تواضع.. مع انكسار.. مع ذل لله سبحانه و تعالى.. الحالة اللي من غيرها تبقى عباداتنا مالهاش أي معنى.. فاكرين.. قلت في الأول “إن الإنسان خلق هلوعا.. إذا مسه الشر جزوعا.. و إذا مسه الخير منوعا.. إلا المصلين”.. مشاعر الخوف و الانكسار.. و الذل.. موجودة فيك.. مركبة في أصل خلقتك كإنسان.. و ما قدامكش غير اختيارين اتنين .. إما ان المشاعر دي تبقى في اتجاه الله سبحانه و تعالى.. فيحيا بها القلب.. أو انها تبقى في اتجاه كل شئ من دون الله.. و يفضل الإنسان يدور على حيل و ووسائل يهرب بيها من المشاعر دي.. فبتكون النتيجة النهائية.. تبلد القلب.. و موته في النهاية.. و المصلين هنا.. مش اللي صلوا بأبدانهم.. بل للي عاشوا الحالة دي.. حالة “عبودية القلب”.. حياة القلب بين يدي الله.. حالة عاشها كل من عرف الله حق المعرفة... تستشعرها مع كليم الله..سيدنا موسى في مدين.. لما حس بالغربة.. و الوحشة.. و الحاجة.. فرفع يديه مناديا ربه (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ). تستشعرها مع سيدنا عيسى.. روح الله.. و هو يدافع عن نفسه أمام ربه..مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ). تستشعرها مع خليل الله.. سيدنا إبراهيم.. و هو بوادٍ غير ذي زرع.. يسلم ابنه و زوجه للقدر.. و يناجي ربه.. يسأله أن يرزقهم من يؤنس وحشتهم : (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) و تستشعرها.. بل يطيش العقل.. و يذهل القلب.. عندما تسمع مناجاة الحبيب”ص” لربه.. كلام البشر.. له درجة حرارة.. تستشعرها القلوب.. كثير منه بارد.. يموت ولا يترك أثرا في القلب ولا الروح.. و لكن.. لما نعيش مع الحبيب .. و نسمعه دعاؤه و مناجاته لله سبحانه و تعالى.. إذا بنبض القلب يشتد.. و إذا بالعاطفة تفيض.. فلا يملك قلب حي يعي و يفهم إلا أن يخشع و يستكين لله رب العالمين.. الكلام اللي احنا بقينا بنتداوله و بنردده ببرود تحت مسمى “الأذكار النبوية”.. مجرد كلمات تجري على اللسان ولا تفيض من القلب.. طلاسم.. حفظناها من كتيبات.. و يمكن مافهمناهاش.. ولا حسيناها.. تأمل معايا مناجاة النبي:a10:.. و اسأل نفسك.. ياترى هو حفظ الكلام ده من كتيب؟.. والا ده كلام جرى على اللسان بعد ما فاض القلب بمشاعر و معاني العبودية والحب لله.. عمرك مرت عليك لحظة.. شفت فيها منظر طبيعي جميل.. أو كنت بتتفرج على برنامج علمي بتشوف فيه آيات الله في الكون.. فحسيت بعظمة الله.. و حسيت قد ايه انت صغير في الكون ده.. و فاض قلبك بالمشاعر.. بس ماعرفتش تقول ايه؟! يمكن آخرك.. قلت “سبحان الله”..و حسيت انك يعني خلاص.. وصلت.. ياترى النبي صل الله عليه وسلم لما كان بيستشعر المعاني دي.. كان بيقول ايه؟.. تأمله في صلاته.. كان إذا ركع يقول في ركوعه: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت.. خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي" وإذا رفع رأسه من الركوع يقول: "سمع الله لمن حمده.. ربنا ولك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد " وإذا سجد يقول في سجوده: "اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت.. سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق فيه سمعه وبصره. تبارك الله أحسن الخالقين " . سبحان الله... العابد الملهم .. أحسن من ناجى ربه.. و أحسن من أثنى على الله سبحانه و تعالى بين البشر.. استشعر معايا قمة العبودية.. و الانكسار لله.. و التبرؤ من الحول و الطول.. و اسمعه صل الله عليه وسلم و هو يناجي و يدعو: "اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك علي الخلق.. أحيني ما علمت الحياة خيرا لي.. وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي. اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة.. وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب. وأسألك القصد في الفقر والغنى. وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع. وأسألك الرضا بعد القضاء. وأسألك بَرد العيش بعد الموت. وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مُضلة". "اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.. ". ياترى فهمنا و حسينا بمعنى الكلام ده؟.. اسمحولي أعيد الكلام تاني.. مع ترجمة بسيطة.. عشان نقرب المعنى لقلوبنا أكتر.. و نحس بيه و نعيشه.. "اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك علي الخلق.. أحيني ما علمت الحياة خيرا لي.. وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي. ".. يا رب.. انت اللي عالم بكل شئ.. و القادر على كل شئ.. و أنا.. لا علم لي.. ولا حول لي ولا قوة.. ولا اعرف فين الخير.. و فين الشر.. ولا حتى شايف نفسي و انا اللي باختار لنفسي.. يارب.. سلمت نفسي كل ليك.. اختارلي انت.. لو الحياة خير ليا.. احييني.. و لو الموت خير لي.. توفني يا رب.. "اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة.." يا رب.. ارزقني اني أخاف اعصيك.. قدام الناس.. و حتى و انا لوحدي ماحدش شايفني.. ده حتى الخوف من الله رزق.. مش انا اللي شايف نفسي و باقول اني باتقي الله و باخاف منه.. يارب ارزقني خشيتك.. "وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب. " و يارب.. ارزقني اني اقول كلمة الحق اللي ترضيك.. في لحظات الرضا.. و لحظات الغضب.. ماتخليش هوى نفسي هو اللي يتحكم فيا.. " وأسألك القصد في الفقر والغنى. " و يارب ارزقني الاعتدال و الاستقامة.. فلا الفقر يخليني أتمرد أو أبخل.. ولا الغنى يخليني اتبطر.. أو أسرف.. "وأسألك نعيما لا ينفذ، وأسألك قرة عين لا تنقطع." يا رب.. ارزقني الشعور بنعمتك و شكرها ظاهرا و باطنا.. " وأسألك الرضا بعد القضاء. " و يارب ارزقني الرضا بقضاءك بعد وقوعه.. " وأسألك بَرد العيش بعد الموت. " يا رب ارزقني حياة الآخرة التي لا كدر فيها ولا منغصات.. كحياة الدنيا.. " وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مُضلة". يا رب.. ارزقني اني اعيش مشتاق للقياك.. و ارزقني اللقيا و لذة النظر الى وجهك.. و انت راضٍ عني.. "اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.. ". يارب.. ارزقني زينة القلب.. لك الحمد على زينة الجسد .. الزينة المادية.. فارزقني زينة القلب.. و هي الإيمان.. و ارزقني الهداية.. و اهدِ بي والله.. لا تجد في تاريخ البشرية كلها.. بشراً.. ناجى الله بأشرف من هذه الكلمات.. ولا بأحر من هذه الضراعة.. صلى.. و دعا الله في صلاته.. فهل انتهت صلة قلبه بالله؟ لا والله.. بل استمع إليه يناجي ربه بعد أن ختم صلاته.. يقول :صل الله عليه وسلم "اللهم ربنا ورب كل شيء.. أنا شهيد أنك الرب وحدك، لا شريك لك .. اللهم ربنا ورب كل شيء، أنا شهيد أن محمدا عبدك ورسولك.. اللهم ربنا ورب كل شيء، اجعلني مخلصا لك وأهلي، في كل ساعة من الدنيا والآخرة.. الله أكبر أكبر، نور السموات والأرض.. الله أكبر أكبر، حسبي الله ونعم الوكيل .. الله أكبر أكبر..” و كأنما تعجز ألفاظ اللغة عن أن تلحق هذا الفيضان من المشاعر المنساب من القلب.. فيبدأ النبي في تكرار نفس العبارة.. و نقف هنا مع لفتة عجيبة.. شئ طبيعي لما حد مننا يقول " أنا شهيد أن محمدا عبدك ورسولك".. انما.. غريب جدا ان النبي صل الله عليه وسلم هو اللي يقولها .. تأملت في المعنى ده قبل كده؟ و كأنه بيجدد العهد مرارا و تكرارا مع الله سبحانه و تعالى.. بيعلن إصراره على تحمل أمانة الرسالة.. مهما الناس كذبوه.. و مهما الناس تنكروا ليه.. و كأنه بيعلنها مرارا و تكرارا .."و أنا أول المسلمين".. أنا أول انسان ملتزم بالعمل بالرسالة دي. طيب.. هل انتهت صلة القلب بالله؟.. هل انتهت حالة العبودية التامة لله بانتهاء الصلاة؟ أبدا.. بل كل لحظة.. كل نفس.. تلاقي النبي صل الله عليه وسلم في نفس الحالة من يقظة الروح و القلب و الصلة بالله.. و العبودية التامة له.. من أول ما بيبدأ يومه.. يصحى قبل الفجر.. قلبه صحاه.. ماهو ماكانش فيه منبه يصحيه ايامها.. صحي.. و الدنيا لسة ضلمة.. "الحمد لله الذي رد إلي روحي، وعافاني في جسدي، واذن لي بذكره ". "الحمد لله الذي رد الي روحي".. هو صحيانك الصبح.. نعمة من ربنا تستحق الشكر والله لأ؟.. مين اللي علم النبي:a10: يقول الكلام ده؟.. ماحدش.. كان حاسس بالنعمة دي.. ففاض الكلام من قلبه.. للسانه.. و علمنا نقول كده.. و نقف وقفة.. و نتأمل قوله :a10: : "وأذن لي بذكره ". نتأمل أدب العبودية.. نتأمل العابد الرقيق :a10:.. ماهو لو لم يأذن الله سبحانه و تعالة له بانه يصحى من النوم و يستعد للصلاة كان فضل نايم.. نعمة ثانية.. و يستمر سيل مشاعر اليقين و الحب.. في كلمات.. بيرددها صباحا و مساءا.. و علمهالنا.. أذكار الصباح و المساء.. "اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة. اللهم أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي. اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي. " الناس في زماننا ده.. بقى كل واحد حابس نفسه في زنزانة بناها لنفسه.. جدرانها هموم الدنيا.. هموم حقيقية.. أو وهمية... للأسف.. مش شايفين اللي ورا الجدران دي.. رحمة الله الواسعة.. الحضن اللي لو لجأوا له خرجوا من السجن اللي سجنوا نفسهم فيه.. جه وقت الفطار.. حتى في وقت الأكل.. تستشعر مدى احتفاءه بنعمة الله و تعظيمه لها.. قبل ما يأكل.. يسمي الله.. ولا ينسى الله طول ماهو بيأكل.. و بعد ما ينتهي.. "الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين " حاسس بيها طالعة من قلبه؟.. طب هو ايه علاقة الأكل و الشرب بالإسلام؟.. ماهو دي أعظم نعمة.. اللي مايقدرش النبي:a10: ينسى شكر الله عليها ابدا في كل لحظة.. مش بس كده.. بل تحس بيه يتفنن في شكر الله و حمده بعد الأكل.. "اللهم أطعمت وسقيت، وأغنيت، وأقنيت، وهديت، وأحييت، فلك الحمد على ما أعطيت ". "الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة". "الحمد لله الذي أطعم وسقى، وسوغه، وجعل له مخرجا ". " الحمد لله الذي من علينا، وهدانا، والذي أشبعنا وأروانا، وكل الإحسان آتانا". مش زي ناس.. ياكلوا و يشربوا و يملوا بطونهم.. و خلاص.. ولا كأنها رزق و نعمة من الله.. زي أي حيوان حطيتله أكل و اكل و مشي!.. مع الفارق.. ان الحيوانات تسبح ربها في كل حين و آن.. هل انتهى الأمر على كده؟ ماهو الأكل لازم ياخد دورته في الجسم و يخرج تاني.. كان النبي :a10: إذا خرج من الخلاء قال: "غفرانك. الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى فى قوته، وأذهب عني أذاه ". سبحان الله.. كلمات كأن اللي وضعها لجنة مختصة من علماء الطب و الأخلاق.. و البلاغة اللغوية.. هو الإنسان عاوز ايه من الأكل؟.. لذة الطعم.. و القيمة الغذائية اللي بيستفيدها الجسم.. و انه يتخلص من السموم أو الفضلات المتبقية بعد كده.. هل رأينا بين البشر على مدار التاريخ.. أجمل من هذا الحمد.. أو أرق من هذه الكلمات؟ تمطر السماء.. فإذا بالقلب يفيض عاطفة و حبا و شوقا لله.. فيتعرض النبي:a10: للمطر أول ما ينزل فرحا به.. قائلا : "هذا مطر حديث عهد بربه ". يأتي الربيع.. و تثمر الأشجار.. فكان الصحابة يأتون النبي بأول الثمر.. أول قطفة.. فينتقي النبي أجملها.. و يمسكها أمام عينيه متأملا.. مبتسماً.. سعيدا.. مستشعراً نعمة الله و محتفياً بها..قائلاً: "اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا". ثم؟.. هل يأكلها؟.. لا.. بل يبحث عن أصغر الحاضرين من الأطفال.. و يهديها له ليدخل السعادة على قلبه و يرسم البسمة على وجهه.. ماهو أيامها ماكانش فيه شيكولاتة لسة تعصف الريح.. فإذا بالنبي يجار الى ربه بالدعاء : "اللهم إنى أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به ". سبحان الله.. قلب حي.. في قمة الحياة.. حساس لكل ما يجري حوله.. يرى ما غفلت عنه قلوب الناس.. هل عرف التاريخ انسانا تعلق بالله و أحبه بأحر من هذه العواطف؟ أو ناجاه بأخلص من هذه العبارات؟ سبحان الله.. كثيرا ما أدخل في نقاشات مع ملحدين من أصول إسلامية.. هم يصرون على التشكيك في القرآن و في ما ورد فيه من إشارات علمية أو معجزات بلاغية إلخ.. فأقول لهم.. يكفيني "محمد صل الله عليه وسلم معجزةً.. ائتوني ببشر مثله... ائتوني ببشر تعلق بالله.. و أحبه.. و ناجاه و أثنى عليه و كان أول من التزم بما دعا الناس اليه.. ائتوني ببشر دعا الله بعبارات مضيئة.. تنبض بالحياة.. و تشعر معها و كأن الأنبياء كلهم.. و الملأ الأعلى معهم .. يقفون وراءه صفوفاً صفوفاً.. وهو يدعو بما أفاض الله على قلبه ولسانه، وهم يؤمنون ويؤكدون!. سبحان الله.. ائتني بإنسان إذا عشت مع أخلاقه.. تخيلت ان حياته كلها خُلُق فقط.. إذا عشت مع جهاده.. تخيلت أن حياته كلها جهاد فقط.. إذا عشت مع عبادته ذكره.. تخيلت ان حياته كلها عبادة فقط.. ائتوني بإنسان بهذه الضخامة.. كالشمس لا تمتلئ منها العيون.. مساكين من لم يعرفوه .. حتى و إن ادعوا معرفة قصة حياته عن ظهر قلب.. مساكين.. عرفتم التاريخ.. و لم تعرفوا الإنسان.. ككثيرين.. عرفوا من الإسلام شكله.. و لم يعرفوا روحه.. في زمننا.. ما أكثر الألسنة المتحركة باسم الله.. و أقل جدواها.. و ما أندر الأفئدة الخاشعة لذكر الله.. و أحوج العالم إليها.. عشان كده كان لازم نبدأ من هنا.. عشان نجهز قلوبنا للرحلة دي.. و حتى نلتقي.. لا تنسونا من صالح دعائكم..
| |
|