من ترك شرطاً من شروط الصلاة .
مثاله: شخص صلى عريانا وستر العورة من شروط الصلاة، أو صلى فرضاً إلى غير القبلة واستقبال القبلة من شروط الصلاة، فهذا لا يخلو من حالين:
أ- أن يكون تركه للشرط لغير عذر فصلى عرياناً وعنده ثوب يستره أو صلى فرضاً إلى غير القبلة وهو يستطيع أن يتوجه لها فصلاته باطلة، وسبقت القاعدة أن باب الأوامر لا يعذر فيه بالجهل والنسيان ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء صلاته جهلاً أن يعيدها وأخبر أن من ضحى قبل صلاة العيد أن شاته شاة لحم غير مجزئة في الأضحية.
ب- أن يكون تركه للشرط لعذر، فصلى عرياناً لأن لم يجد ثوباً يستر فيه عورته، أو صلى فرضه إلى غير القبلة لأنه لا يستطيع أن يتوجه لها وليس عنده من يوجهه فصلاته صحيحة وهكذا بقية الشروط إن تركها لعذر وسبقت المسألة في باب شروط الصلاة، ويستثنى من ذلك شرط واحد من شروط الصلاة فإنه لا يسقط في حال من الأحوال وهو النية لأن محلها القلب فلا يعجز عنها أبداً بل أن العباد لو كُلِّفوا عملاً من غير نية لكُلِّفوا ما لا يطيقون، قال شيخ الإسلام في الفتاوى 22 /219: " والنية تتبع العلم فمن علم ما يريد أن يفعله فلابد أن ينويه ". وما سبق توضحيه هو قول المذهب أيضاً.
ثانياً: أن يكون المتروك ركناً:
مثاله: شخص يصلي وبعد ما قرأ الفاتحة والسورة التي تليها سجد وترك الركوع وهذا ركن فهذا لا يخلو من حالين:
أ- أن يكون تركه للركن عمداً فصلاته باطلة ولو ندم ورجع.
ب- أن يكون تركه له سهواً فلابد أن يأتي به وسيأتي توضيح ذلك في باب سجود السهو بإذن الله تعالى.
ثالثاً: أن يكون المتروك واجباً:
مثاله: شخص يصلي الظهر فلما صلى ركعتين منها قام للثالثة ولم يجلس للتشهد الأول وهذا واجب فلا يخلو من حالين:
أ- أن يكون تركه للواجب عمداً فصلاته باطلة ولو ندم ورجع، بحيث إنه لما قام للثالثة ندم ورجع للتشهد الأول فصلاته باطلة لأنه تعمد ترك الواجب.
ب- أن يكون تركه للواجب سهوا فهذا يجبره بسجود السهو كما سيأتي في باب سجود السهو بإذن الله تعالى.
رابعاً: أن يكون المتروك سنة:
مثاله: شخص صلى وبدأ بالفاتحة مباشرة فلم يقرأ دعاء الاستفتاح، فصلاته صحيحة سواءً كان ذلك عمداً أو سهواً لأنه ترك سنة وهي ما أمر بها الشارع على غير وجه الإلزام فيثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.
ولكن لو ترك المسنون سهواً هل يشرع له أن يسجد للسهو أم لا؟
مثاله: شخص صلى وبدأ بالفاتحة مباشرة ونسني دعاء الاستفتاح.
المذهب: أنه لا يشرع له سجود السهو وإن سجد فلا بأس، أي أن سجود السهو في ترك مسنون أمر مباح.
والقول الراجح والله أعلم: أنه إن كان عادته فعل هذا المسنون فإنه يسن له سجود السهو وإن لم يكن من عادته فعله فلا يسن.
ويدل على ذلك: عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود: " إذا نسيَ أحدكم فليسجد سجدتين " ورواه مسلم.
قال الشيخ السعدي في الإرشاد (صـ53):
" ولكنه يُقَيَّد بمسنون كان من عزمه أن يأتي به فتركه سهواً، أما المسنون الذي لم يخطر له على بال، أو كان من عادته تركه، فلا يحل السجود لتركه، لأنه لا موجب لهذه الزيادة ".