موضوع: الأمور المباحة والمكروهة في الصلاة . الثلاثاء أبريل 04, 2017 6:08 pm
الأمور المباحة والمكروهة في الصلاة .
الحمد لله الذي له ملك السموات والأرض، يحيي ويميت، وهو على كل شيءٍ قدير، هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيءٍ عليم،والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله الله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد: فإن هناك أمورًا مباحة وأمورًا مكروهة في الصلاة، فأقول وبالله تعالى التوفيق: أولًا: الأمور المباحة في الصلاة: (1) البكاء والأنين من غير تكلف: روى أحمدُ عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: ما كان فينا فارس يوم بدرٍ غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرةٍ يصلي ويبكي حتى أصبح؛ (حديث صحيح) (مسند أحمد - جـ 1 - صـ 125).
روى البخاري عن عائشة أم المؤمنين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه: ((مُروا أبا بكرٍ يصلي بالناس))، قالت عائشة: قلت: إن أبا بكرٍ إذا قام في مقامك لم يُسمِعِ الناس من البكاء، فمُرْ عمر فليصلِّ، فقال: ((مروا أبا بكرٍ فليصلِّ للناس))، قالت عائشة لحفصة: قولي له: إن أبا بكرٍ إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمُرْ عمر فليصلِّ للناس، ففعلت حفصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَهْ، إنكن لأنتن صواحب يوسف، مُروا أبا بكرٍ فليصل للناس))، قالت حفصة لعائشة: ما كنتُ لأصيبَ منكِ خيرًا؛ (البخاري - حديث: 716).
(2) الفتح على الإمام بالقراءة: روى أبو داود عن سالم بن عبدالله، عن عبدالله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاةً فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبيٍّ: (( أصليتَ معنا؟))، قال: نعم، قال: ((فما منعك؟!))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 803).
(3) حمل الطفل الصغير: روى الشيخانِ عن أبي قتادة الأنصاري: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأبي العاص بن ربيعة بن عبدشمسٍ، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها؛ (البخاري - حديث: 516 / مسلم - حديث: 543).
(4) التسبيح للرجال والتصفيق للنساء على حدوث شيءٍ في الصلاة: روى الشيخانِ عن سهل بن سعدٍ الساعدي: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن رابه شيء في صلاته فليُسبِّح؛ فإنه إذا سبَّح التُفت إليه، وإنما التصفيقُ للنساء))؛ (البخاري حديث: 684/مسلم - حديث: 421).
(5) المشي اليسير عند الحاجة: روى الترمذي عن عائشة، قالت: جئتُ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت، والباب عليه مغلق، فمشى حتى فتح لي، ثم رجع إلى مكانه، ووصفت الباب في القِبلة؛ (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني - حديث: 491).
(6) قَتْل الحية والعقرب وكل ما يريد إيذاء المصلي: روى أبو داود عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقتلوا الأسودينِ في الصلاة؛ الحيةَ والعقربَ))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 814).
(7) البَصْق في المنديل عند الحاجة: روى مسلم عن جابر بن عبدالله، قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا هذا وفي يده عرجونُ ابن طابٍ، فرأى في قِبلة المسجد نخامةً، فحكها بالعرجون، ثم أقبل علينا فقال: ((أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟!))، قال: فخشعنا، ثم قال: ((أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟!))، قال: فخشعنا، ثم قال: ((أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟!))، قلنا: لا أينا يا رسول الله، قال: ((فإن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله تبارك وتعالى قِبل وجهه فلا يبصقَنَّ قِبل وجهه، ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره تحت رِجله اليسرى، فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا، ثم طوى ثوبه بعضَه على بعضٍ))؛ (مسلم - حديث: 3008).
(8) دفع مَن يريد المرور أمام المُصلِّي: روى مسلم عن أبي سعيدٍ الخدري: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يدَعْ أحدًا يمر بين يديه، وليدرَأْه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله؛ فإنما هو شيطان))؛ (مسلم - حديث: 505).
(9) الالتفات عند الحاجة: روى مسلم عن جابرٍ، قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكرٍ يُسمع الناس تكبيره، فالتفت إلينا فرآنا قيامًا، فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودًا، فلما سلم قال: ((إن كدتم آنفًا لتفعلون فعل فارسَ والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا، ائتمُّوا بأئمتكم، إن صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا))؛ (مسلم - حديث: 413).
(10) حَمْدُ الله تعالى عند العُطاس: إذا عطس المسلم وهو يصلي، فإنه يحمد الله تعالى في نفسه. روى الترمذي عن رفاعة بن مالكٍ، قال: صليتُ خلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطستُ، فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فقال: ((مَن المتكلم في الصلاة؟))، فلم يتكلم أحد، ثم قالها الثانية: ((مَن المتكلم في الصلاة؟))، فلم يتكلم أحد، ثم قالها الثالثة: ((مَن المتكلم في الصلاة؟))، فقال رفاعة بن رافع بن عفراء: أنا يا رسول الله، قال: ((كيف قلت؟))، قال: قلت: الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملَكًا أيهم يصعد بها))؛ (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني - حديث: 331).
(11) الكلام اليسير في مصلحة الصلاة: روى الشيخانِ عن أبي هريرة، قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر، فسلم في ركعتينِ، فقام ذو اليدين، فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ ذلك لم يكن))، فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فأقبَل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس، فقال: ((أصدق ذو اليدين؟))، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأتمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة، ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم؛ (البخاري - حديث: 714 / مسلم - حديث: 573).
(12) رد السلام إشارة على مَن سلم على المصلي أثناء الصلاة: روى أبو داود عن نافعٍ، قال: سمعت عبدالله بن عمر يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يصلي فيه، قال: فجاءته الأنصار فسلموا عليه وهو يصلي، قال: فقلت لبلالٍ: كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي، قال: يقول هكذا، وبسط كفه، وبسط جعفر بن عونٍ كفَّه، وجعل بطنه أسفل، وجعل ظهره إلى فوقٍ؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 820)، (فقه السنة للسيد سابق - جـ 1 - صـ 310: صـ 317)، (منهاج المسلم - صـ 220: صـ 221).
ثانيًا: الأمور المكروهة في الصلاة: (1) العبَث بالثوب أو البدن مِن غير حاجة: روى الشيخانِ عن أبي سلمة، قال: حدثني معيقيب: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد، قال: ((إن كنتَ فاعلًا فواحدة))؛ (البخاري - حديث: 1207 /مسلم - حديث: 546).
(2) التخصُّر: وهو وضع المصلي يده على خاصرته: روى أبو داود عن أبي هريرة، قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصارِ في الصلاة. قال أبو داود: يعني يضع يده على خاصرته؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 834).
(3) رفع البصر إلى السماء: روى مسلم عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لينتهِيَنَّ أقوام عن رفعِهم أبصارَهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لتُخْطَفَنَّ أبصارُهم))؛ (مسلم - حديث: 429).
(4) النظر إلى ما يُلْهي: روى الشيخان عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصةٍ لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرةً، فلما انصرف قال: ((اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهمٍ، وأْتُوني بأَنْبِجَانيَّةِ أبي جهمٍ؛ فإنها ألهَتْني آنفًا عن صلاتي))؛ (البخاري - حديث: 373 / مسلم - حديث: 556).
(5) الإشارة باليدين عند التسليم من الصلاة: روى مسلم عن جابر بن سمرة، قال: صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنا إذا سلمنا قلنا بأيدينا: السلام عليكم، السلام عليكم، فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خَيْلٍ شُمْسٍ (نافرة)؟! إذا سلَّم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه، ولا يُومِئْ بيده))؛ (مسلم - حديث: 431).
(6) التثاؤب: روى مسلم عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا تثاءَبَ أحدُكم في الصلاة، فليَكْظِمْ ما استطاع؛ فإن الشيطان يدخل))؛ (مسلم - حديث: 2995).
(7) بسط الذِّراعين في السجود: روى البخاري عن أنس بن مالكٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اعتدلوا في السجود، ولا يبسُطْ أحدكم ذراعيه انبساطَ الكلب))؛ (البخاري - حديث: 822).
(8) الصلاة بحَضْرة الطعام أو عند مدافعة الأخبثَيْنِ: روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثانِ))؛ (مسلم - حديث: 560).
(9) كَفْتُ الثوب (وهو: ضم الثوب ومنعُه من الانتشار على الأرض) عند السجود: روى الشيخان عن ابن عباسٍ، قال: أُمِرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يسجُدَ على سبعة أعضاءٍ، ولا يكُفَّ شَعرًا ولا ثوبًا: الجبهةِ، واليدين، والرُّكبتين، والرِّجْلين؛ (البخاري - حديث: 809 / مسلم - حديث: 490).
(10) تغميض العينين لغير حاجة: روى الحاكمُ عن عائشة، قالت: لما دخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الكعبةَ ما خلَّف بصرُه موضعَ سجوده؛ (حديث صحيح) (مستدرك الحاكم - جـ 1 - صـ 479)، (صفة صلاة النبي للألباني - صـ 69).
(11) السَّدْل وتغطيه الفم: السَّدْل: هو أن يلتحف بثوبه ويُدخِلَ يديه فيه، فيركع ويسجد وهو كذلك. روى أبو داود عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السَّدْل في الصلاة، وأن يُغطِّيَ الرجلُ فاه؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 597).
(12) الالتفات لغير حاجة: روى البخاريُّ عن عائشة، قالت: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة، فقال: ((هو اختلاسٌ يختلسه الشيطانُ مِن صلاة العبد))؛ (البخاري - حديث: 751)، (فقه السنة للسيد سابق - جـ 1 - صـ 320: صـ 324).
ثالثًا: أمور تبطل الصلاة: (1) الأكل والشرب عمدًا. (2) الكلام عمدًا في غير مصلحة الصلاة. روى الشيخانِ عن زيد بن أرقم، قال: كنا نتكلم في الصلاة، يُكلِّمُ أحدنا أخاه في حاجته، حتى نزلت هذه الآية: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238]، فأُمِرْنا بالسكوت؛ (البخاري - حديث: 1200 / مسلم - حديث: 539).
(3) تيقُّن الحدَث. روى الشيخانِ عن عباد بن تميمٍ عن عمه (عبدالله بن زيد): أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيءَ في الصلاة، فقال: ((لا ينفتل - أو لا ينصرف - حتى يسمع صوتًا، أو يجدَ ريحًا))؛ (البخاري - حديث: 137 / مسلم - حديث: 361).
(4) ترك شرطٍ أو ركن من أركان الصلاة. (5) الضحك الذي يظهَر فيه الصوت.
(6) العمل الكثير، ويرجع ذلك إلى عُرف الناس؛ (المغني لابن قدامة - جـ 2 - صـ 381)، (فقه السنة للسيد سابق - جـ 1 - صـ 324: صـ 327).
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين. وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.